? ... لماذا نتحرك

Publié le par ماذا لو ؟؟؟؟

    1_881200_1_34.jpg        

 

 

ما الدافع وراء كل هذا، لماذا نتحرك، اعتصامات، احتجاجات، وقفات و مظاهرات نتضامن فيها مع إخواننا المضطهدين في كل بقاع الأرض، نعم!! تظاهرنا و طالبنا بوقف الاعتداء و وقف قتل إخواننا في فلسطين، طالبنا بتحرير المسجد الأقصى و تطهيره من الصهاينة، طالبنا بوقف القمع ضد إخواننا في دول الربيع العربي و إعطائهم حرية أكثر للتعبير عن آرائهم. لعل البعض منا يقول أن المحرك فينا هو العامل الإنساني حيث أننا نرفض كل شكل من أشكال القمع و العنف ضد الكائن البشري أو أن الدافع هو عامل ديني بدافع أننا لا نرضى أن تمس كرامة أي إنسان على ملة محمد و أن قيم الأخوة التي تجمعنا أقوى لهذه الدرجة.


            لكني أتسائل، لماذا لا نتحرك بهذا الحجم و هذه القوة و هذه العزيمة و هذا الإصرار للتضامن و المساندة و المطالبة بمزيد من المساعدات العاجلة للشعب الذي يقتل فيه المئات كل يوم لا بسبب ثورة سياسية و لا التمرد على الحكم المستبد و لا المطالبة بحقوق سياسية أو اجتماعية، لكنهم يموتون فقط لما نعتبره أتفه الأسباب ' لقمة العيش '. فإذا كان المحرك فينا فعلا هو ' الديني أو الإنساني ' فأول ما سنقف وقفة رجل واحد، سيكون لدعم إخواننا في الصومال فعلاقتنا بهم علاقة "دين و إنسانية" .
           

إنني أرى أن الدافع محرك الشعوب هو دافع سياسي محض، فأغلب الوقفات تطالب بما هو سياسي أكثر من ما هو بيولوجي، و لعل البعض أصبح يربط في تصوره المظاهرات بكل ما هو سياسي.
            فقد أصبحت الشعوب تطالب بالحق في الحياة السياسية أكثر من مطالبتها بالعيش حياة بيولوجية كاملة، و لعلنا نعود لرأي أحد الكتاب، أن " السياسة تقتل فينا الإنسانية " فهل هذا بالفعل هو ما يحدث لنا ! هل أصبحنا نعاني من تضخم السياسي مقابل الديني أو الإنساني؟ هل فقدنا كل تلك القيم النبيلة في السياسة و الدين و أصبحنا متشبعين بقيم سياسية لا تسمن و لا تغني من جوع؟
          

  مثال آخر لهذا التضخم السياسي، مثال أقرب لنا نحن المغاربة في بلدنا و هو ما نراه أو رأيناه في عدد الوقفات الإحتجاجية التي نظمت للمطالبة بالإفراج عن الصحافي المغربي " رشيد نيني " الذي اعتبرنا اعتقاله يخالف مبادئ الدولة التي اعترفت بها من 'حرية الصحافة إلى احترام حقوق الإنسان' لكن إذا قارننا حجم هذه الإحتجاجات الموكلة إلى شخص واحد مقابل ما يعانيه إخواننا الذين يعانون معنا في نفس الوطن، حاملين نفس الهوية، نعتنق نفس الديانة و نفس المذهب، نتشارك معهم جميع الصفات البشرية، لا نختلف معهم في شيئ سوى كوننا نعيش في الحضر و المدن الكبيرة و هم شاءت الأقدار أن يكونوا من سكان الأرياف النائية البعيدة كل البعد عن باقي ذوي البشر.
 

إن المحرك فينا و المحمس لنا ظاهر ظهور الشمس في يوم مشمس، نتمتع بنورها و تحرقنا حرارتها, نعرف واقعها و يزعجنا الإعتراف به.

إننا في مساندتنا لشعوب دول الربيع العربي، و رفضنا للقتل العمد لإخواننا مقابل سكوتنا و جمودنا أمام ما وقع أو يقع لإخواننا في القرن الإفريقي إن ببهذه اللا مبالاة لمئات القتلى بسبب الجوع نقتل في  كياننا الجانب الإنساني، إن مشاهدة ابن يحمل جثة أم قتلها الجوع، أو أم دفنت أبنائها واحدا تلو الآخر بسبب عدم قدرتها على تلبية حاجياتهم البيولوجية المتمثلة في لقمة العيش، إننا بمشاهدة كل هذا و أكثر و عدم تأثر مشاعرنا به يوضح لنا أن الجانب الإنساني فينا قد مات، و أن القيم الدينية قد ولى الدهر عليها و شرب و لم تعد تطبق سوى داخل المساجد و القنوات الدينية .
 

 

فهل الإشكال فكري؟ أم له علاقة بمخلفات المستعمر الأجنبي و الحاكم المستبد و الرغبة في التخلص من استبدادهما و التمتع بحرية سياسية مطلقة تحددها الشعوب؟
 

 

تبقى الأسئلة مفتوحة و وجهات النظر مختلفة، لكن الحقيقة  من وجهة نظري واحدة أن 'السياسة تقتل فينا الإنسانية إذا نحن لم نعرف كيف نتعامل معها و متى يجب أن نتعامل بما هو سياسي و ما هو غير ذلك '

Publié dans سياسة

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article